ان هذا الاثر لا يصح عن ابي حنيفة رحمه الله وقد رد اهل
العلم هذا الاثر ونقدوه , وخلاصة القول فيه بانه لو كان ثابتا عن ابي حنيفة رحمه
الله لجاء عن طريق اصحابه , وتلاميذه , او على الاقل في كتب الاحناف المعتبرة
المتداولة .
في المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: " وأما ما نقله عن
محمد بن الحسين بن الفضل القطان إلى يحيى بن حمزة أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلا
عبد هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أر بذلك بأسا.
فقال سعيد: هذا الكفر صراحا. فهذا لم ينقله أحد من أصحاب أبى حنيفة
واعلم أن أصحاب الإنسان أعرف به من الأجنبي، ثم اعلم أن مذهب أبى حنيفة له أصول وقواعد
وشروط لا يخرج عنها، فأما أصول مذهبه رضى الله عنه فإنه يرى الأخذ بالقرآن والآثار
ما وجد وقواعده أن لا يفرق بين الخبرين أو الآى والخبر مهما أمكن الجمع بينهما إلا
إن ثبت ناسخا أو منسوخا وشروطه أن لا يعدل عنهما إلا أن لا يجد فيهما شيئا فيعدل
إلى أقوال الصحابة الملائمة للقرآن والسنة وإن اختلفوا تخير ما كان أقرب إلى
الكتاب والسنة.
فهذا عليه إجماع أصحاب أبى حنيفة وهو إذا
عددت المدرسين منهم في عصر واحد وجدتهم أكثر من إسناد الخطيب منه إلى أبى
حنيفة رحمه الله.
واعلم أن أخبار الآحاد المروية عن النبي صلى
الله عليه وسلم توجب العمل لأجل الاحتياط في الدين ولا توجب العلم.
وأخبار التواتر توجب العلم والعمل معا فكيف
بك عن أخبار الخطيب هذه التى لا تكاد تنفك عن قائل يقول فيها، فإذا نازلنا الأمر
وساوينا قلنا أخباره أخبار آحاد وأخبار أصحاب أبى حنيفة متواترة والعمل بالمتواترة
أولى، وقد ثبت مذهب أبى حنيفة وأصوله وقواعده فإذا ثبت أن هذه أصول أبى حنيفة فكيف
يسوغ له أن يقول هذا مع علمه بقوله تعالى: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)
فهذا لا يصح عن أبى حنيفة " اهـ .[1]
وقال الدكتور الحارثي : " قال الخطيب: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسين
بن الفضل القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان،
حدثني علي بن عثمان بن نفيل، حدّثنا أبو مسهر، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حمزة -
وَسَعِيد يسمع - أَنَّ أَبَا حنيفة قَالَ: لو أَنَّ رجلًا عَبْد هذه النعل يتقرب
بها إلى الله، لم أر بذلك بأسًا, فَقَالَ سَعِيد: هَذَا الكفر صراحًا. ورواه مرة
أخرى فقال: أخبرنا ابن رزق، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن سلم، حَدَّثَنَا
أحمد بن علي الأبار، حدّثنا عبد الأعلى بن واصل، حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا ابن فضيل
عن الْقَاسِم بن حبيب قَالَ: وضعت نعلي في الحصى ثُمَّ قُلْتُ لأبي حنيفة: أرأيت
رجلًا صلى لهذه النعل حَتَّى مات، إِلا أَنَّهُ يعرف الله بقلبه؟ فَقَالَ: مؤمن,
فَقُلْتُ: لا أكلمك أبدًا. وهاتان الروايتان
المضطربتان تنطقان بالكذب الواضح والافتراء من الذي لا يخشى الله، ففي
الأولى عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، ضعفه
اللالكائي, وقال البرقاني: ضعفوه، وعلي
بن عثمان بن نفيل مجهول لم أجد من ترجم له،
ولعله خبط في السند خبط عشواء، أو ألصق هكذا, ثم إن يحيى بن حمزة إن كان هو القاضي
المشهور فهو دمشقي, ولم يثبت أن أبا حنيفة رحل إلى الشام ولم يدخل يحيى الكوفة،
ولم يلتق بأبي حنيفة وإن كانا متعاصرين, وفي الرواية الثانية القاسم بن حبيب, قال
عنه ابن معين: لا شيء, وضعفه الذهبي ,وابن الجوزي,
وكثير من العلماء، وأما من ناحية المتن فإنا نحيل أن يصدر مثل هذا عن أبي حنيفة,
بل نحيل أن يصدر مثل هذا عن أصغر عالم من علماء المسلمين، فما لنا عن عالم شهدت له
الدنيا بالعلم والعقل، فما هذا إلا من التعصب المذهبي - قاتل الله دعاته – "
اهـ .[2].
وقال الامام ابن عبد البر في الامام ابي حنيفة : " الَّذِينَ
رَوَوْا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَوَوَثَّقُوهُ وَأَثْنَوْا
عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا
فِيهِ، وَالَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، أَكْثَرُ مَا
عَابُوا عَلَيْهِ الْإِغْرَاقَ فِي الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ وَالْإِرْجَاءَ وَكَانَ يُقَالُ: يُسْتَدَلُّ عَلَى نَبَاهَةِ الرَّجُلِ
مِنَ الْمَاضِينَ بِتَبَايُنِ النَّاسِ فِيهِ قَالُوا:
أَلَا تَرَى إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَدْ
هَلَكَ فِيهِ فَتَيَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ مُفَرِّطٌ وَقَدْ جَاءَ فِي
الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَهْلِكُ فِيهِ رَجُلَانِ مُحِبٌّ مُطْرٍ وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ،
وَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ النَّبَاهَةِ وَمَنْ بَلَغَ فِي
الدِّينِ وَالْفَضْلِ الْغَايَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ . [3].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق