قال الامام ابن ابي شيبة: " 15955 - يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَحَتْ حَفْصَةَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبِي بَكْرٍ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ،
فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ غَضِبَ وَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ،
أَمْثَلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ؟، فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ، وَقَالَتْ:
«أَتَرْغَبُ عَنِ الْمُنْذِرِ» " اهـ .[1]
ولقد جاءت رواية اخرى تبين موقف عبد الرحمن بن ابي بكر
رضي الله عنه من تزويج ام المؤمنين رضي الله عنها لبنته حفصة رحمها الله , وكذلك
معنى تزويج ام المؤمنين رضي الله عنها لحفصة , قال
الامام البيهقي : " 14024- قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا الأَثَرُ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الَّذِى أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو
بْنُ نُجَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوَشَنْجِىُّ
حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّهَا
زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ غَائِبٌ بِالشَّامِ فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ :
مِثْلِى يُصْنَعُ هَذَا بِهِ وَيُفَتَاتُ عَلَيْهِ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ رَضِىَ
اللَّهُ عَنْهَا الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ الْمُنْذِرُ : فَإِنَّ
ذَلِكَ بَيْدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : مَا كُنْتُ
لأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَكُنْ
ذَلِكَ طَلاَقًا إِنَّمَا أُرِيدُ بِهِ أَنَّهَا
مَهَّدَتْ تَزْوِيجَهَا ثُمَّ تَوَلَّى عَقْدَ النِّكَاحِ غَيْرُهَا فَأُضِيفَ
التَّزْوِيجُ إِلَيْهَا لإِذْنِهَا فِى ذَلِكَ
وَتَمْهِيدِهَا أَسْبَابَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ .[2]
قال الامام ابن الاثير : " 5754 - (ط) القاسم بن محمد - رحمه الله - «أن عائشة - زَوجَ النبيِّ
- صلى الله عليه وسلم- زَوَّجَتّ حَفْصَة بنت عبد الرحمن المنُذِرَ بن الزبير، وعبد
الرحمن غائِب بالشام، فلما قَدِمَ عبد الرحمن قال: ومِثْلي يُصنعُ به هذا؟ ومثلي يُفَتاتُ عليه؟ فكلَّمت
عائشةُ المنذرَ بن الزبير، فقال المنذر: فإن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن:
ما كنتُ لأرُدَّ أمراً قَضَيْتِيه، فقرَّت حفصةُ عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقاً»
أخرجه الموطأ (1) .
[شَرْحُ
الْغَرِيبِ] يفتات عليه : الافتيات
: الاجتراء على الإنسان ، الإقدام عليه ، وترك المبالاة به " اهـ .[3]
قال الشيخ عبد القادر الارناؤوط عن
الرواية : " (1)
2 / 555 في الطلاق، باب ما لا يبين من التمليك، وإسناده صحيح " اهـ . [4]
فالاثر واضح بان الخلاف الحادث بين عبد الرحمن وام
المؤمنين رضي الله عنهما هو عدم انتظاره حتى يرجع من السفر , واخذ رأيه , وهذا امر
طبيعي لكل احد فيما يتعلق ببنته من ناحية الزواج , قال
الامام ابن الجوزي : " في الحديث إِنَّ
عائشةَ زوَّجَتْ ابنةَ أَخِيها عَبْد الرَّحْمَن وهو عاتبٌ فقال أَمْثِلي
يُفْتات عليه تقولُ لِكُلِّ من أحْدَثَ شيئاً دُونَكَ
من أُمُورِكَ قد افْتَاتَ عَلَيَّ أي اسْتَبَدَّ بِرَّأيِهِ دوني " اهـ .[5]
ولهذا قالت ام المؤمنين رضي الله عنها للمنذر رحمه الله
ان عبد الرحمن بن ابي بكر غاضب من عدم اخذ رايه فيما يتعلق ببنته , فرد الامر اليه
, فلم يرد عبد الرحمن رضي الله عنه ما امرت به ام المؤمنين , وقضت به , قال الامام ابو الوليد الباجي : " وَقَوْلُهُ فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ فِي
ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهَا أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ سَخِطَ بَعْضَ الْأَمْرِ فَجَعَلَ
الْأَمْرَ إلَيْهِ لِيُزِيلَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْمَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ
تَسْلِيمًا لِمَا رَأَتْهُ عَائِشَةُ وَاخْتَارَتْهُ وَقَوْلُهُ مَا كُنْت لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِهِ عَلَى
مَا تَقَدَّمَ مِنْ إضَافَةِ الْأَمْرِ إلَيْهَا لِمَا
كَانَ مِنْهَا مِنْ تَوَلِّيهِ وَتَقْرِيرِهِ
" اهـ .[6]
فلو كان يعتقد ان النكاح قد حدث بدون موافقة ولي امر
حفصة لاعترض على اصل العقد , وهذا يدل بكل
وضوح من ان عائشة رضي الله عنها قد قامت مقام عبد الرحمن رضي الله عنه , فلما كمل
الترتيب للزواج طلبت ان يعقد النكاح اي رجل منهم , وذلك لان النساء لا يعقدن
النكاح , وهذا هو مذهب عائشة رضي الله عنها , قال
الامام الطحاوي : " 4269 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا عَبْدُ
اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَنْكَحَتْ رَجُلًا مِنْ
بَنِي أَخِيهَا جَارِيَةً مِنْ بَنِي أَخِيهَا فَضَرَبَتْ بَيْنَهُمَا بِسِتْرٍ
ثُمَّ تَكَلَّمَتْ , حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا النِّكَاحُ , أَمَرَتْ
رَجُلًا فَأَنْكَحَ , ثُمَّ قَالَتْ: «لَيْسَ
إِلَى النِّسَاءِ النِّكَاحُ» " اهـ .[7]
وقال الامام ابن حجر : " وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَنْكَحَتْ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَخِيهَا فَضَرَبَتْ بَيْنَهُمْ
بِسِتْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَتْ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ أَمَرَتْ
رَجُلًا فَأَنْكَحَ ثُمَّ قَالَتْ لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ نِكَاحٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ " اهـ .[8]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق