الثلاثاء، 10 فبراير 2015

يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ



 { يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ }
قال الامام مسلم : " 82 - (2004) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ، وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ، فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثَةِ شَرِبَهُ وَسَقَاهُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَهَرَاقَهُ» " اهـ .[202]
وايضا : " 84 - (2005) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيَّ، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ يَعْنِي ابْنَ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيَّ، قَالَ: لَقِيتُ عَائِشَةَ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ النَّبِيذِ، فَدَعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً، فَقَالَتْ: سَلْ هَذِهِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتِ الْحَبَشِيَّةُ: «كُنْتُ أَنْبِذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ وَأُوكِيهِ وَأُعَلِّقُهُ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ» " اهـ .[203]
فالنبيذ يجوز شربه الا اذا تغير فاصبح مسكرا , فيطلق النبيذ على العصير الحلال , وعلى المسكر , فالنبيذ الحلال وهو العصير مباح باجماع المسلمين , قال شيخ الاسلام : "وَالْخَمْرُ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَلْدِ شَارِبِهَا كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ مِنْ أَيِّ أَصْلٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الثِّمَارِ كَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ وَالتِّينِ . أَوْ الْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ . أَوْ الطُّلُولِ كَالْعَسَلِ . أَوْ الْحَيَوَانِ كَلَبَنِ الْخَيْلِ . بَلْ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ خَمْرِ الْعِنَبِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ شَجَرُ عِنَبٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُجْلَبُ مِنْ الشَّامِ كَانَ عَامَّةُ شَرَابِهِمْ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ حَرَّمَ كُلَّ مُسْكِرٍ وَبَيَّنَ أَنَّهُ خَمْرٌ . وَكَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ الْحُلْوَ وَهُوَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَاءِ تَمْرٌ وَزَبِيبٌ أَيْ يُطْرَحُ فِيهِ وَالنُّبَذُ الطَّرْحُ - لِيَحْلُوَ الْمَاءُ لَا سِيَّمَا كَثِيرٌ مِنْ مِيَاهِ الْحِجَازِ فَإِنَّ فِيهِ مُلُوحَةً فَهَذَا النَّبِيذُ حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْكِرُ ؛ كَمَا يَحِلُّ شُرْبُ عَصِيرِ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُسْكِرًا " اهـ .[204]
والنبيذ في اللغة يطلق على الشراب المسكر والشراب الغير مسكر ,قال ابن منظور : " والنبيذ ما نُبِذَ من عصير ونحوه وقد نبذ النبيذ وأَنبذه وانتبَذه ونَبَّذَه ونَبَذْتُ نبيذاً إِذا تخذته والعامة تقول أَنْبَذْتُ وفي الحديث نَبَّذوا وانْتَبَذُوا وحكى اللحياني نبذ تمراً جعله نبيذاً وحكى أَيضاً أَنبذ فلان تمراً قال وهي قليلة وإِنما سمي نبيذاً لأَن الذي يتخذه يأْخذ تمراً أَو زبيباً فينبذه في وعاء أَو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور فيصير مسكراً والنبذ الطرح وهو ما لم يسكر حلال فإِذا أَسكر حرم " اهـ .[205]
ولقد ورد في كتب الرافضة التفريق بين النبيذ المباح , والمسكر , قال الطوسي : "ولا بأس بشرب النبيذ غير المسكر، وهو أن ينقع التمر أو الزبيب ثم يشربه وهو حلو قبل أن يتغير " اهـ .[206]
وقال محمد صادق الروحاني : " وصحيح عبد الله بن سنان عنه - عليه السلام -: " الحد في الخمر أن يشرب منها قليلا أو كثيرا " ونحوها غيرها. ولا يعارضها صحيح الكناني عن الامام الصادق - عليه السلام -: في حديث، قلت: أرأيت إن أخذ شارب النبيذ ولم يسكر أيجلد؟ قال - عليه السلام -: " لا " ، ونحوه صحيح الحلبي. فان ظاهرهما ارادة النبيذ الحلال الذي لا يكون كثيره مسكرا، كما هو واضح. ويؤيده قوله - عليه السلام - في ذيل الثاني " وكل مسكر حرام " اهـ .[207]
وقال الصدوق : "  ولا بأس بالتوضوء بالنبيذ لان النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ به وكان ذلك ماء قد نبذت فيه تميرات وكان صافيا فوقها فتوضأ به، فإذا غير التمر لون الماء لم يجز الوضوء به والنبيذ الذي يتوضأ وأحل شربه هو الذي ينبذ بالغداة ويشرب بالعشي، أو ينبذ بالعشي ويشرب بالغداة " اهـ .[208]
وقال الخميني : " صحيحة أبي بكر الحضرمي قال " قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أصاب ثوبي نبيذ أأصلي فيه ؟ قال : نعم قلت : قطرة من نبيذ قطر في حب أشرب منه ؟ قال : نعم إن أصل النبيذ حلال ، وأصل الخمر حرام " اهـ .[209]
وايضا : " وموثقة حنان بن سدير قال : " سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول في النبيذ فإن أبا مريم يشربه ويزعم أنك أمرته بشربه ؟ فقال : صدق أبو مريم سألني عن النبيذفأخبرته أنه حلال ، ولم يسألني عن المسكر " اهـ .[210]
وقال الاردبيلي : " منها صحيحة أبي بكر الحضرمي في النبيذ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أصاب ثوبي نبيذ أصلي فيه ؟ قال : نعم الخبر النبيذ أعم من أن يكون مسكرا أم لا فيساوي الخمر " اهـ .[211]
وقال محمد تقي المجلسي : " وفي القوي ، عن أيوب بن راشد قال: سمعت أبا البلاد يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن النبيذ فقال: لا بأس به فقال إنه يوضع فيه العكر فقال أبو عبد الله عليه السلام بئس الشراب ولكن انبذوه غدوة واشربوه بالعشي، قال: قلت: جعلت فداك هذا يفسد بطوننا قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام أفسد لبطنك أن تشرب ما لا- يحل لك " اهـ .[212]


202 - صحيح مسلم - بَابُ إِبَاحَةِ النَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا - ج 3 ص 1589 .
203 - صحيح مسلم - بَابُ إِبَاحَةِ النَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا - ج 3 ص 1589 .
204 - مجموع الفتاوى –احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 28  ص 337 – 338 .
205 - لسان العرب – محمد بن مكرم بن منظور - ج 3 ص 511 .
206 - النهاية – الطوسي – ص 592 .
207 - فقه الصادق – محمد صادق الروحاني - ج 25  ص 480 .
208 - من لا يحضره الفقيه – الصدوق – ج 1 ص 15 .
209 - كتاب الطهارة - الخميني - ج 3 - ص 179 – 180 .
210 - كتاب الطهارة -الخميني - ج 3 ص 180 .
211 - مجمع الفائدة - المحقق الأردبيلي - ج 1 - شرح ص 310 .
210 - كتاب الطهارة -الخميني - ج 3 ص 180 .
211 - مجمع الفائدة - المحقق الأردبيلي - ج 1 - شرح ص 310 .
212 - روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 9 ص 313 .
 
المصدر: كتاب الجواهر البغدادية للشيخ ابو عبد الرحمن البغدادي حفظه الله الجزء 4 ص 101

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق