{ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْزُو كَأَنَّنِي أَرْوَى }
قال الامام ابن جرير الطبري : " حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ
كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَرَأَ آلَ
عِمْرَانَ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَطَبَ أَنْ يَقْرَأْهَا، فَلَمَّا
انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى
الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155] قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ
هَزَمْنَاهُمْ، فَفَرَرْتُ حَتَّى صَعِدْتُ الْجَبَلَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْزُو كَأَنَّنِي أَرْوَى، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَقُلْتُ: لَا
أَجِدُ أَحَدًا يَقُولُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ. حَتَّى اجْتَمَعْنَا
عَلَى الْجَبَلِ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ
الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155] الْآيَةَ كُلَّهَا " اهـ .[1]
وهذه
الرواية لا تصح , وعلتها ابو هشام الرفاعي وهو محمد بن يزيد , قال الامام النسائي : " (551) محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي ضعيف
" اهـ .[2]
وقال الامام ابن الجوزي : " 3251 محمد بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعة
أبو هشام الرفاعي حدث عن ابن فضيل ووكيع وغيرهما قال البخاري رأيتهم مجتمعين على
ضعفه وقال الرازي والنسائيضعيف " اهـ .[3]
وقال الحافظ ابن حجر: " 6402 -
محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي أبو هشام الرفاعي الكوفي قاضي المدائن
ليس بالقوي من صغار العاشرة وذكره بن عدي في
شيوخ البخاري وجزم الخطيب بأن البخاري روى عنه لكن قد قال البخاري رأيتهم مجمعين على ضعفه مات سنة ثمان وأربعين م د ق "
اهـ .[4]
وقال المقريزي : " وقال
ابن عدي : وقد أنكر على أبي
هشام أحاديث عن أبي بكر بن عياش
( و ) عن ( ابن ) إدريس وغيرهما ( من ) مشايخ الكوفة " اهـ .[5]
وقد يستشكل البعض ويقول ان ابا هشام الرفاعي من رجال
مسلم , فنقول ان هذا الاشكال لا يصح , وذلك لان الامام مسلم رحمه الله قد روى عن
ابي هشام مقرونا , وفي الشواهد , ومعنى هذا ان تضعيف ابو هشام الرفاعي في موضعه ,
ولا يمنع منه وجوده في رجال الامام مسلم , ولقد بين نقاد علم الحديث ان وجود
الراوي في المتابعات , والشواهد عند الشيخين لا يمنع من تضعيفه , قال الامام ابن الصلاح : "ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي
بَابِ الْمُتَابَعَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ رِوَايَةُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ
بِحَدِيثِهِ وَحْدَهُ، بَلْ يَكُونُ مَعْدُودًا فِي الضُّعَفَاءِ، وَفِي كِتَابَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ
جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ ذكراهُمْ فِي الْمُتَابَعَاتِ
وَالشَّوَاهِدِ،
وَلَيْسَ كُلُّ ضَعِيفٍ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَلِهَذَا يَقُولُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَغَيْرُهُ فِي الضُّعَفَاءِ: " فُلَانٌ يُعْتَبَرُ بِهِ وَفُلَانٌ لَا
يُعْتَبَرُ بِهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ .[6]
قال الامام ابن الصلاح في دفاعه عن الامام مسلم , وذلك لوجود
بعض الرواة الضعفاء فيه , فقال : "أَن يكون ذَلِك وَاقعا فِي الشواهد والمتابعات لَا فِي الْأُصُول وَذَلِكَ بِأَن يذكر الحَدِيث أَولا بِإِسْنَاد نظيف رِجَاله
ثِقَات ويجعله أصلا ثمَّ يتبع ذَلِك بِإِسْنَاد
آخر أَو أَسَانِيد فِيهَا بعض الضُّعَفَاء على وَجه التَّأْكِيد بالمتابعة أَو
لزِيَادَة فِيهِ تنبه على فَائِدَة فِيمَا قدمه وبالمتابعة والاستشهاد " اهـ
.[7]
وقال الامام النووي : " واعلم أنه يدخل فى المتابعات والاستشهاد رواية بعض الضعفاء ولا يصلح لذلك كل ضعيف وانما يفعلون هذا
لكون التابع لا اعتماد عليه وانما الاعتماد على من قبله " اهـ .[8]
وقال : " وَالْمُتَابَعَةُ والاستشهاد يذكرون فيهما من لايحتج بِهِ
عَلَى انْفِرَادِهِ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى مَا قَبْلَهُمَا لَا عَلَيْهِمَا
" اهـ .[9]
وقال : " قَوْلُهُ
(وَمُجَالِدٌ) هُوَ بِالْجِيمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ هُنَا
مُتَابَعَةً وَالْمُتَابَعَةُ يَدْخُلُ فِيهَا
بَعْضُ الضُّعَفَاءِ " اهـ .[10]
وبعد ان بينا ان الرواية لا تصح ,
ولا يصح لاحد ان يستشهد برواية مطعون بها .
والوارد في معركة احد قد بين الله
تعالى حكم من فر فيها فقال :
{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا
وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) : ال عمران
} , فهل يجوز لاحد ان يعترض على عفو الله تعالى ؟ !!! , فالله تعالى قد عفا على
اولئك الذين تولوا , والرافضة يطعنون بهم , فهل نقدم عفو الله تعالى , ام طعن
الرافضة ؟ !!! , الله تعالى يعفو , ولسان حال الرافضة الاعتراض على عفو الله تعالى
, وعدم الاذعان لحكم الله , ولو كان عندهم اذعان لحكم الله تعالى لما تعرضوا لجناب
الصحابة الكرام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق