الأحد، 12 يوليو 2015

الرد على شبهة جهل عمر بن الخطاب بحكم التيمم



قال الامام البخاري : " 338 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ " اهـ .[1]
وفي مسند الامام احمد : " 18882 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ يَعْنِي ابْنَ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،  وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا نَمْكُثُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجِدُ الْمَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُصَلِّيَ حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ، فَقَالَ عَمَّارٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَذْكُرُ حَيْثُ كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا  وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِلَ، فَتَعْلَمُ أَنَّا أَجْنَبْنَا قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي تَمَرَّغْتُ فِي التُّرَابِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثْتُهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: " كَانَ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ  كَافِيَكَ "، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ  وَجْهَهُ، وَبَعْضَ ذِرَاعَيْهِ. قَالَ: اتَّقِ اللهَ يَا عَمَّارُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرْهُ مَا عِشْتُ أَوْ مَا حَيِيتُ قَالَ: كَلَّا وَاللهِ وَلَكِنْ نُوَلِّيكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ (3)
__________
 (3) حديث صحيح دون قوله: وبعض ذراعيه، فقد شك فيها سلمة بن كهيل، كما سلف برقم (18339) " اهـ .[2]
يستشهد الرافضة بهذه الاثار ويقولون ان عمر رضي الله عنه كان يجهل حكم  التيمم , فيلزم الطعن به .
فاقول : ان عمر رضي الله عنه لم يجهل حكم التيمم كما يزعم الرافضة , وانما فهم عمر رضي الله عنه ان التيمم يتعلق بالحدث الاصغر لا الاكبر , فلو جمعنا الايات لتبين لنا ذلك , قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43) : النساء } فالاية بينت ان حكم الجنب هو الغسل { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا } , فيبقى الفهم متعلقا بما بعد الاية هل يدخل فيه الجنب ام لا , واللمس في الاية محتمل للجماع , ومحتمل للمس العادي من غير جماع , بل جاء في حديث الاسلمي عند الامام احمد في المسند : "  * 2310 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأَسْلَمِيِّ: " لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ أَوْ نَظَرْتَ " (2)
__________
 (2) إسناده صحيح على شرط البخاري " اهـ .[3]
فقد جعل النبي صلى الله عليه واله وسلم اللمس هنا غير الجماع , ولهذا قرنه بالقبلة , والنظرة , فاللمس في الحديث بمعنى ملامسة البشرة بالبشرة من غير جماع .
وكذلك الاية الاخرى : { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) : المائدة } , فهذه الاية ايضا ذكرت حكم الجنب وان عليه الغسل , ثم بعد ذلك جاء ذكر الاشياء الاخرى المتعلقة بالتيمم , والامر المتعلق بالجنابة بالاشياء المذكورة يتعلق بملامسة النساء , وهل هو الجماع , او ملامسة البشرة للبشرة من غير جماع كما بينت في الاية التي قبلها .
ولهذا قال العلامة العيني في عمدة القاري : " (فَإِن قلت) كَيفَ جَازَ لعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ترك الصَّلَاة (قلت) مَعْنَاهُ أَنه لم يصل بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ كَانَ يتَوَقَّع الْوُصُول إِلَى المَاء قبل خُرُوج الْوَقْت أَو أَنه جعل آيَة التَّيَمُّم مُخْتَصَّة بِالْحَدَثِ الْأَصْغَر وَأدّى اجْتِهَاده إِلَى أَن الْجنب لَا يتَيَمَّم " اهـ .[4]
وقال ايضا : " وَلِهَذَا قَالَ لعمَّار، فِيمَا رَوَاهُ مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى: اتَّقِ الله يا عمار فِيمَا ترويه وَتثبت فِيهِ فلعلك نسيت أَو اشْتبهَ عَلَيْك، فَإِنِّي كنت مَعَك وَلَا أَتَذكر شَيْئا من هَذَا، وَمعنى قَول عمار؛ إِنِّي رَأَيْت الْمصلحَة فِي الْإِمْسَاك عَن التحديث بِهِ راجحة على التحديث وافقتك وَأَمْسَكت، فَإِنِّي قد بلّغته وَلم يبْق عَليّ حرج؛ فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله تعالى عَنهُ: إِنَّا نوليك مَا توليت. أَي: لَا يلْزم من كوني لَا أتذكره أَن لَا يكون حَقًا فِي نفس الْأَمر، فَلَيْسَ لي مَنعك من التحديث بِهِ " اهـ .[5]
وقال الامام ابن عبد البر: " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَنْ عَمَّارٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَمَّارٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بأن التيمم يكفيه سكت عنه ولن يَنْهَهُ فَلَمَّا لَمْ يَنْهَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِقَلْبِهِ تَصْدِيقُ عَمَّارٍ لِأَنَّ عَمَّارًا قَالَ لَهُ إِنْ شِئْتَ لَمْ أَذْكُرْهُ وَلَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ تَكْذِيبُ عَمَّارٍ لَنَهَاهُ لِمَا كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ فِي قَلْبِهِ مِنْ تَعْظِيمِ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَلَا شَيْءَ أَعْظَمَ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ مُتَوَهَّمٍ عَلَى عُمَرَ أَنْ يَسْكُتَ عَلَى صَلَاةٍ تُصَلَّى عِنْدَهُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ المسؤول عَنِ الْعَامَّةِ وَكَانَ أَتْقَى النَّاسِ لِرَبِّهِ وَأَنْصَحَهُمْ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ " اهـ .[6]
فعمر رضي الله عنه لا يجهل التيمم , وانما الحكم عنده في الجنب هل ينوب التيمم عن الغسل في الطهارة ام لا , واما قول عمار فهو ثقة مأمون رضي الله عنه , ولهذا اذن له عمر بالتحديث , وفي هذا الاذن دليل على اخذ عمر رضي الله عنه بالحكم من عمار رضي الله عنه , ولو قلنا ان عمر لم يأخذ بالحكم من عمار , فلا يلزم من هذا اي طعن به, وذلك لان عمر لم يتذكر الحادثة اصلا , فبقي عمر على يقينه بعدم تذكر الحادثة , وان الاية الكريمة المباركة توجب الغسل على الجنب , واما التيمم فيكون للحدث الاصغر , وفي نفس الوقت أذِنَ لعمار رضي الله عنهما بالتحديث لانه ثقة مأمون .
فنقول ان الامر لا يعدو ان يكون اجتهادا لعمر رضي الله عنه , فاذا اصاب فله اجران , وان اخطأ فله اجر واحد , ولقد ورد في كتب الرافضة ان عليا رضي الله عنه كان يجهل حكم المذي , قال البحراني: "وعن اسحاق بن عمار في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال: " سألته عن المذي فقال ان عليا (عليه السلام) كان رجلا مذاء واستحيى ان يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكان فاطمة (عليها السلام) فامر المقداد ان يسأله وهو جالس فسأله فقال له ليس بشئ " اهـ .[7]
فهذا علي رضي الله عنه يجهل حكم المذي , ولا يستطيع احد ان يطعن بعلمه .
وقال محمد تقي المجلسي : " و يمكن حمل النهي في غير الداخل على الكراهة كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رآني علي بن الحسين عليهما السلام و أنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بني إن هذا لا يقلع و إن أمكن حمله على إرادة القطع أو يكون صغيرا غير مكلف و جوزنا الجهل عليهم في الصغر " اهـ .[8]
وهذا الامام الصادق يجهل هذا الحكم الشرعي وهو حرمة قلع الحشيش بمنى , ولقد صرح محمد تقي المجلسي بجواز الجهل على الائمة في الصغر , فهل يطعن الامامية بعلم الائمة في صغرهم ؟ , وما هي الفائدة من العصمة منذ الولادة اذا كان جاهلا ؟ !!! .
وفي الكافي : " عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) عَنْ قَتْلِ الْخُطَّافِ أَوْ إِيذَائِهِنَّ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ لَا يُقْتَلْنَ فَإِنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فَرَآنِي وَ أَنَا أُوذِيهِنَّ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ لَا تَقْتُلْهُنَّ وَ لَا تُؤْذِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ لَا يُؤْذِينَ شَيْئاً " اهـ .[9]
في هذه الرواية التصريح بجهل الصادق للحكم الشرعي في حرمة اذية الخطاف , فهل يطعن الرافضة بعلم الامام الصادق ؟ !!! .


1 - صحيح البخاري - بَابٌ: المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا – ج 1 ص 75 .
2 - مسند الامام احمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 31 ص 175 – 176 .
3 - مسند الامام احمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 4 ص 155 .
4 - عمدة القاري - أبو محمد بدر الدين محمود بن أحمد العينى – ج 4 ص 18 – 19 .
5 - عمدة القاري - أبو محمد بدر الدين محمود بن أحمد العينى – ج 4 ص 37 – 38 .
6 - التمهيد – ابو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر – ج 19 ص 273 .
7 - الحدائق الناضرة – يوسف البحراني - ج 5 ص37 .
8 - روضة المتقين – محمد تقي المجلسي -  ج ‏4 ص 166 .
9 - الكافي - الكليني - ج 6  ص 224 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن – ج 21 ص 370 .

هناك تعليقان (2):

  1. اصل البحث هو جهل عمر فانتم تقولون ان عمر ما کان جاهلا و لکن هو لا یعلم ! قولکم لیس بشیء ؛ و اما اذا کان مجتهدا فلماذا ما افتی کما قال عمار ؟ و هو ما کان خارجا عن القصة و العمار قال : اما تذکر ! و حینئذ عمر ما قنع بقول عمار مع ان قول عمار کان صریحا فاجتهاد عمر علی زعمکم کان اجتهادا بالنص ! و ان قلتم ربما قبل عمر قول عمار ، قلت : کلا ! ما قنع بقول رسول الله کما انبئنا ابن مسعود في صحیح البخاري 346

    ردحذف
  2. فعمر و ان کان مجتهدا اجتهد في مقابل النص و ما قنع بقول رسول الله کما قال ابن مسعود

    ردحذف