قال الامام احمد : "
25914 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ،
قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: " " أَوَّلُ مَا
اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي
بَيْتِهَا، فَأَذِنَّ لَهُ قَالَتْ: فَخَرَجَ، وَيَدٌ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ
عَبَّاسٍ، وَيَدٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ
" " قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِيٌّ وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ نَفْسًا (3)
______
(3)
إسناده صحيح على شرط الشيخين " اهـ .[1]
يحتج الرافضة على اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى
مقامهم بهذا الاثر ويقولون ان فيه بغض عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنه .
فأقول : لقد ثبت عن حبر الامة ابن عباس رضي الله عنه
تزكية ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها , فلو كان مفهوم كلام ابن عباس رضي الله
عنه الطعن بعائشة رضي الله عنها لما زكاها , ومدحها , قال
الامام البخاري : " حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ
فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، تَقْدَمِينَ
عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى أَبِى بَكْرٍ "
اهـ .[2]
فهذا الاثر
فيه تصريح من ابن عباس لام المؤمنين رضي الله عنهما بالبشارة بالجنة , والمآل
الحسن , قال العلامة العيني : " 1773 -
حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا عَبْدُ
الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الْقَاسِمِ بنِ
مُحَمَّدٍ أنَّ عائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجاءَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أمَّ
الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ علَى فَرَطِ صِدْقٍ علَى رسُولِ الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وعلَى أبِي بَكْرٍ.
مطابقته
للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن
عَبَّاس قطع لعَائِشَة بِدُخُول الْجنَّة، إِذْ لَا يُقَال ذَلِك إلاَّ بتوقيف، وَهَذِه فَضِيلَة
عَظِيمَة. وَابْن عون، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو: عبد الله
الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث
أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن ابْن الْمثنى نَحوه.
قَوْله: (اشتكت) ، أَي: ضعفت. قَوْله:
(تقدمين) ، بِفَتْح الدَّال. قَوْله: (على فرط) ، بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء:
وَهُوَ الْمُتَقَدّم من كل شَيْء. وَيُقَال: الفرط الفارط أَي: السَّابِق إِلَى
المَاء والمنزل. قَوْله: (صدق) ، صفة فرط أَي: صَادِق، وَهُوَ عبارَة عَن الْحسن. قَالَ تَعَالَى: {فِي مقْعد صدق} (الْقَمَر: 55) . قَوْله: (على رَسُول
الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بدل مِنْهُ بتكرير الْعَامِل، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأَبا بكر قد سبقاك
وَأَنت تلحقينهما، وهما قد هيئا لَك الْمنزل فِي الْجنَّة فَلَا تحملي الْهم
وافرحي بذلك " اهـ .[3]
وقال الامام احمد : "
2496 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خُثَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَانُ، حَاجِبُ
عَائِشَةَ، أَنَّهُ جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، يَسْتَأْذِنُ عَلَى
عَائِشَةَ، فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ بِنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، فَأَكَبَّ عَلَيْهَا ابْنُ
أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ،
وَهِيَ تَمُوتُ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَا
أُمَّتَاهُ، إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ، لِيُسَلِّمْ عَلَيْكِ،
وَيُوَدِّعْكِ، فَقَالَتْ: ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَأَدْخَلْتُهُ،
فَلَمَّا جَلَسَ، قَالَ: أَبْشِرِي، فَقَالَتْ: أَيْضًا فَقَالَ: " مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَحِبَّةَ، إِلا
أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا "، وَسَقَطَتْ قِلادَتُكِ لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ،
" فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى
يُصْبِحَ فِي الْمَنْزِلِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ "
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]
، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِكِ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ
الْأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ
سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ
مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللهُ، إِلا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (1)
__________
( 1 ) إسناده قوي على شرط مسلم " اهـ .[4]
فهذا الاثر فيه تزكية ابن عباس لام المؤمنين رضي الله عنهما بحيث انه جعل
لقائها برسول الله صلى الله عليه واله وسلم والاحبة خروج النفس , وفي هذا بشرة
بالسرور بلقائهم , وكذلك شهد لها بانها طيبة وهذا مصداق لقوله تعالى : { وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ
لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) : النور }
فالطيبة للطيب في الدنيا والاخرة .
فهذا كلام حبر الامة ابن عباس رضي الله عنه في ام
المؤمنين عائشة رضي الله عنها , فلو كان هناك اي ذم لها , او قدح لما زكاها كل هذه
التزكية , علما انه ابن عم علي رضي الله عنه وقد شاركه في حروبه وكان من انصاره ,
فلا يمكن ان يكون الرافضي احرص , او افهم من ابن عباس رضي الله عنه لكلامه وما
يترتب عليه .
ولو كانت ام المؤمنين رضي الله عنه تظلم عليا رضي الله
عنه لما نقلت فضائله , وشهدت له بالعلم , والصدق , قال
الامام مسلم : " حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ
أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ
فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
[الأحزاب: 33] " اهـ .[5]
فحديث الكساء مروي عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
بأصح اسناد , وفيه فضيلة عظيمة لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا .
وقال الامام مسلم :
" وحَدَّثَنِي
زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ
الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ
سَأَلْتُ عائشةَ، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ " اهـ .[6]
ففي هذا
الاثر شهادتها رضي الله عنها بعلم علي رضي الله عنه .
وفي مسند الامام احمد وغيره: " 656 - حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضِ
بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ، فَدَخَلَ
عَلَى عَائِشَةَ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ،
....................................
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ:
يَا ابْنَ شَدَّادٍ، فَقَدْ قَتَلَهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ
حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَسَفَكُوا الدَّمَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ
الذِّمَّةِ. فَقَالَتْ:
آَللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهِ
الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ. قَالَتْ: فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي
عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ؟ يَقُولُونَ: ذُو الثُّدَيِّ، وَذُو
الثُّدَيِّ. قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ، وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ فِي
الْقَتْلَى، فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ
جَاءَ يَقُولُ: قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي،
وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ
بِثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَلِكَ. قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ
كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ
وَرَسُولُهُ قَالَتْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ:
اللهُمَّ لَا. قَالَتْ: أَجَلْ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا
يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ،
وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ(1)
__________
(1) إسناده حسن،
يحيى بن سُليم- وهو الطائفي- مختلف فيه يتقاصر عن رتبة= = الصحيح له في البخاري
حديث واحد، واحتجّ به مسلم والباقون، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غيرَ عبيد الله
بن عياض بن عمرو، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وهو ثقة، وقال
ابنُ كثير في "تاريخه" 7/292 بعد أن ذكر من رواية أحمد: تَفَرد به أحمد
وإسناده صحيح، واختاره الضياء (يعني في "المختارة") .
وأخرجه
أبو يعلى (474) عن إسحاق بنِ أبي إسرائيل، عن يحيى بنِ سُليم، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/235-237
ونسبه إلى أبي يعلى، ولم ينسبه إلى أحمد مع أنَّه من شرطه! وقال: رجاله ثقات
" اهـ .[7]