{ فانتهى الى سباطة قوم فبال }
جاء في الصحيحين : " 225 - حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُنِي أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَمَاشَى،فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ
حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ، فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ،
فَأَشَارَ إِلَيَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ» "
اهـ .[1]
قال العلامة ابن منظور في اللسان : " السُّباطةُ والكُناسةُ الموضع الذي يُرْمى فيه الترابُ
والأَوْساخُ
وما يُكْنَسُ من المنازل " اهـ .[2]
فالحديث جاء
لوجود علة تمنع من الجلوس , وهي التبول في السباطة التي تكون مكانا للاوساخ , وفي
فعل النبي صلى الله عليه واله وسلم بيان الاباحة , والجواز لهذا الفعل رفعا للحرج
عن الامة , ورفع الحرج عن الامة من سمات هذا الدين العظيم , قال الله تعالى : {
مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
(78) : الحج } .
واما ما ورد
عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها من نفي هذا الفعل عن رسول الله صلى الله عليه
واله وسلم , فقد قال الامام الالباني : "
201 - " من
حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان
يبول
إلا قاعدا ".
أخرجه
النسائي (1 / 11) والترمذي (1 / 17) وابن ماجه (1 / 130)
والطيالسي
(1 / 45 من ترتيبه) كلهم عن شريك بن المقدام عن شريح عن أبيه عن عائشة قالت ...
فذكره.
وقال
الترمذي: " حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح "....................
واعلم
أن قول عائشة إنما هو باعتبار
علمها، وإلا فقد ثبت في " الصحيحين "
وغيرهما
من حديث حذيفة رضي الله عنه قال:" أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم
فبال قائما ".
ولذلك
فالصواب جواز البول قاعدا وقائما، والمهم أمن الرشاش، فبأيهما حصل وجب.
وأما النهي عن البول قائما فلم يصح فيه حديث، مثل حديث " لا تبل قائما " وقد تكلمت عليه
في " الأحاديث الضعيفة " رقم (938) " اهـ .[3]
يقول الرافضة ان هذه الرواية فيها طعن برسول الله صلى
الله عليه واله وسلم , وذلك على اعتبار ان البول قياما فيه منافاة للادب .
فأقول لا ادري اين المنافاة للادب بهذا الفعل , ومن قال
ان تبول الرجل قائما ينافي الادب ؟ ! .
هل يوجد نص من النبي صلى الله عليه واله وسلم , او من
كلام الائمة عند الرافضة ان التبول قياما فيه منافاة للادب ؟ ! .
ولقد جاء في كتب الامامية الرواية الدالة على جواز هذا
الفعل , ولا يوجد اي تصريح من الائمة بأن هذا الفعل منافٍ للادب , او مستقبح , ففي الكافي :
" عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه
السلام ) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَطَّلِي فَيَبُولُ
وَ هُوَ قَائِمٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ"
اهـ .[4]
فكلام الامام المعصوم صريح بالجواز , وعدم التعرض
لمنافاة الادب , او استقباح الفعل , وفي الكافي ايضا
: " مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ
رَوْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ بَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) وَ أَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ وَ مَعِي إِدَاوَةٌ أَوْ
قَالَ كُوزٌ فَلَمَّا انْقَطَعَ شَخْبُ الْبَوْلِ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا
إِلَيَّ فَنَاوَلْتُهُ بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ مَكَانَهُ " اهـ .[5]
فهذه
الرواية فيها قيام روح بن عبد الرحيم على راس الامام المعصوم وهو يبول , ولا يوجد
اي استقباح لمثل هذا الفعل .
بل
ان بول النبي صلى الله عليه واله وسلم , والائمة رضوان الله عليهم طاهر , ولا ينجس
, كما جاء في كتب الامامية , قال محمد تقي المجلسي
: " روى
الكليني في القوي كالصحيح، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: للإمام عشر علامات، يولد مطهرا مختونا، ......... و نجوه كرائحة المسك، و الأرض موكلة بستره و ابتلاعه... "
اهـ .[6]
وقال المازندراني : " قوله
( ونجوه كرائحة المسك ) هذه علامة سابعة ، وفيه حذف أي رائحة نجوه ، والنجو ما يخرج من ريح أو غائط وذلك لأن باطنه كظاهره طاهر
مطهر مما يوجب التأذي والتنفر منه " اهـ .[7]
والوارد
في كتب الامامية ان البول لا تأثيرلنجاسته بما يلبسه المصلي , قال الطوسي : " * ( 1480 ) * 12 - عنه عن الحسن بن علي عن
عبد الله بن المغيرة عن الحسن ابن موسى
الخشاب عن علي بن أسباط عن ابن أبي ليلى عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه
السلام : ان قلنسوتي وقعت في بول فأخذتها
فوضعتها على رأسي ثم صليت فقال : لا بأس
" اهـ .[8]
فالنبي
صلى الله عليه واله وسلم قوله , وفعله , وتقريره فيه بيان للامة ما يجوز , وما لا
يجوز , وقد ورد في كتب الامامية بعض الافعال من الائمة التي تدل على جواز افعال
تتعلق باشياء خاصة مثل ان ينام الرجل بين جاريتين , قال
علي الطباطبائي : " و لا بأس أيضا
( أن ينام بين أمتين ) للخبر فعلا :
كان أبو الحسن ( عليه السلام ) ينام بين جاريتين
. ونحوه آخر قولا : لا بأس أن ينام
الرجل بين أمتين والحرتين. ( ويكره ) كل من الأمرين * ( في الحرائر ) * أما الأول
: فلما مضى ، وغيره . وأما الثاني : فقد علل بتضمنه الامتهان الغير اللائق بالحرائر
" اهـ .[9]
فقد جاء تبيين الحكم من فعل المعصوم , وقوله , فالقول ,
والفعل , والتقرير , يكون على حسب ما يقدره المعصوم , ومن المعلوم عند الامامية ان
الراد على المعصوم كالراد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله تعالى .
1 - صحيح
البخاري - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالحَائِطِ – ج 1 ص
55 , وصحيح مسلم - بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ – ج 1 ص 228 .
2 - لسان العرب - محمد بن مكرم بن منظور – ج 7 ص
308 .
4 - الكافي – الكليني - ج 6 ص 500 , وقال المجلسي عن الرواية في
مرآة العقول - حسن – ج 22 ص 402 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق